داود كُتّاب- ملح الأرض
وقع قرار الحكومة الأردنية والفلسطينية المشترك بوقف التعامل والاعتراف براس الكنيسة الأرمنية كصاعقة على المجتمع الأرمني بشكل خاص وعلى المكون المسيحي الفلسطيني بشكل عام.
فرغم أن عدد المواطنين الأرمن قليل نسبيا إلا أن غياب اعتراف فلسطين والأردن لهم يعني أن العديد من الخدمات الحياتية وخاصة تلك المتعلقة بالمحكمة الكنسية ومواضيع الأحوال الشخصية مثل تنفيذ قرارات حصر الإرث والطلاق والنفقة وحتى عقود الزواج وغيرها ستكون في مهب الريح ما دام الممثل الروحي للطائفه الأرمن شخصية غير معترف بها في مناطق السلطة الفلسطينية والأردن.
غياب اعتراف فلسطين والاردن يعني ان العديد من الخدمات الحياتية ومواضيع الأحوال الشحصية وخاصة تلك المتعلقة بالمحكمة الكنسية ستكون في مهب الريح
تفيد وكالة أنباء وفا الفلسطينية الرسمية أن يبلغ عدد الأرمن اليوم في فلسطين التاريخية حوالي 7500 نسمة “حسب المصادر الأرمينية”، منهم ثلاثة آلاف يعيشون في مدينة القدس و2100 يسكنون حي وادي النسناس في مدينة حيفا، وهناك 300 نسمة في مدينة بيت لحم، فيما يتوزع الباقون بين عكا والرملة والناصرة وبئر السبع وقطاع غزة. أما في الأردن فإن العدد لا يتجاوز ثلاث آلاف مواطن أردني. طبعا للكنيسة الأرمنية مدارس وكنائس وأديرة في الأردن وفلسطين ويتمتع رهبان والقائمين على الكنيسة الأرمنية كما هو الحال مع باقي الكنائس المعترف بها بحقوق متعلقة بالإقامة وأحيانا جواز السفر كما يتم توفير عفو للكنائس عن دفع الضرائب وغيرها من الرسوم الجمركية لكل ما له علاقة بالعمل الكنسي.
الورطة التي يجد البطريرك غير المعترف به فيها هو أن عدم الاعتراف به يعني أيضًا أنه سيكون من الصعب للخوارنة التابعين لبطريركية الحصول على إقامة في الأردن أو في مناطق السلطة الفلسطينية.
ولكن الأهم من كل ما سبق هو الجانب المعنوي. علاقة رجال الدين المسيحيين بحكومات الدول التي يعملون فيها له تأثير كبير ومعاني كثيرة. والوضع سيكون أكثر صعوبة على البطريرك بسبب وجود معارضة شعبية وكنسية كبيرة ضده مما سيصعب عليه القيام بعمله خاصة وان البطريركية تواجهه عجز مالي كبير يصعب عليها دفع الرواتب وإبقاء ديمومة الكنائس و الرهبانيات والمؤسسات التعليمية والاجتماعية والنوادي وغيرها .
المعروف أن النظام البطريركي يوفر سلطات واسعة لرأس الهرم، لكن لا يعني ذلك أن وضع البطريرك نورهان مانوغيان سيكون سهل مع مجلس الكنيسة الارمنية الارثوذكسية الأعلى وهو اخوية مار يعقوب والتي تعتبر الجسم الأعلى في البطريركية الأرمنية.
العلاقة مع الأردن وفلسطين وموضوع تسريب الأملاك الأرمنية خاصة في مناطق القدس القديمة يخالف قرار اليونيسكو الذي يفرض حماية دوليا لكافة الاملاك في البلدة القديمة من القدس ويشكل بيت القصيد في المحاولة بعزل البطريرك غير المعترف به. لقد كانت العلاقة متوترة منذ فترة مع الحكومة الأردنية بسبب رفض البطريرك الاعتراف بالوصاية الهاشمية للمقدسات المسيحية في القدس علمًا أن بطريرك الروم وبصورة اقل وضوحا بطريرك اللاتين وباقي رؤساء الكنائس تعترف وتؤيد الوصاية الهاشمية على الأماكن المسيحية والإسلامية.
لقد شكل قرار الأردن وفلسطين ضرب قوية لكل القوى الدينية التي تعبث باملاكها وتسمح بتسريبها بصورة معارضة للرغبة رعيتهم ورغبة الدول التي تعترف بهم. ومن المؤكد ان رفص توفير الشرعية لبطرك الأرمن يشكل تخوف كبير لدى باقي رؤساء الكنائس وسيكون بمثابة تحذير نهائي لمن يجرؤ أن يعمل ضد مصلحة رعيته وضد القانون الدولي.
مقال اضافي عن نفس الموضوع: بطريرك الارمن يعزل نائبه. هنا