د .أ قسصندي الشوملي -جامعة بيت لحم

تقع مغارة الحليب إلى الجنوب الشرقي من كنيسة المهد، على بعد خطوات قليلة منها. ويمكن الوصول إليها من ساحة المهد عبر شارع مغارة الحليب، أو من كنيسة المهد مرورا بساحة دير الروم الأرثوذكس، عبر الباب الذي يؤدي إلى شارع مغارة الحليب. وتوجد المغارة تحت الأرض ويتم الوصول إليها عبر سلم يتكون من 20درجة. وتحولت المغارة إلى كنيسة صغيرة تسمى كنيسة مغارة الحليب أو “كنيسة ستنا مريم”. وبنيت أول كنيسة فوق المغارة في عهد القديسة بولا. وزينت الكنيسة الحالية بمختلف التحف الدينية من المصنوعات الصدفية وخشب الزيتون. وتقول التقاليد إن السيدة العذراء قد مكثت فترة قصيرة من الزمن في هذه المغارة مع الطفل يسوع، وعندما ظهر الملاك للقديس يوسف وأعلمه بالخطر الذي يحدق بالطفل يسوع، وضرورة الهرب به إلى مصر، قام بالاستعداد للسفر واستعجال مريم التي كانت ترضع الطفل، فسقطت قطرة من الحليب على ارض المغارة حولت لون الصخر فيها إلى الأبيض، ومن هنا جاءت تسميتها بمغارة الحليب.
ويحظى هذا المكان بالتكريم من كل الطوائف، وتعتقد النساء المسيحيات والمسلمات منذ قرون طويلة، أنه إذا نقص الحليب على النساء المرضعات، فان صخر هذه المغارة قادر على الشفاء. وتقوم بعض النساء بشرب مسحوق من حجارة المغارة مع الماء من أجل زيادة الحليب لديهن. وكان الحجاج المسيحيون في القرن السابع عشر، يقطعون أجزاء صغيره من صخر هذه المغارة، ويأخذونها معهم إلى كنائس بلادهم. وتعود الحجارة الموجودة في العديد من الكنائس في العالم تحت اسم “حليب العذراء” إلى هذه المغارة.
وأقام الفرنسيسكان الكنيسة الحالية فوق المغارة عام 1872م، وتعد واجهتها نموذجاً رائعاً لفن العمارة المحلية، إذ قام عدد من النحاتين من أهل مدينة بيت لحم عام 1935م بتصوير العائلة المقدسة والهروب إلى مصر على تيجان الأعمدة التي تزين المدخل، حيث تبدو وكأنها قطع من الصدف. كما عبّر الحرفيون المحليون عن تكريمهم لهذا المكان من خلال التحف الفنية الصدفية التي تزين الكنيسة وتغطي جدران المدخل. وتحولت الكنيسة إلى مكان هادئ للتأمل والصلاة، وتعلو جدرانها مجموعة من اللوحات المتنوعة التي تمثل العذراء وهي ترضع الطفل يسوع. ومن أجل الصعود فوق الكنيسة لمشاهدة قطع الموزاييك التي تعود إلى الكنيسة الأولى، يجب طلب المساعدة من الراهب المسؤول الذي يملك مفتاح كنيسة القديس يوسف أيضا والتي تقع بالقرب منها. وقد أقيم في هذا المكان في الذكرى الألفية لميلاد السيد المسيح كنيسة جديدة خصص الجزء السفلي منها لتكريم القربان المقدس والتأمل والصلاة.