حاورتها: سلام فريحات- ملح الأرض
“أول راتب شهري أخدته كان 16 دينار، واليوم اتحدث عن شركتي ذات الـ 12 عاما”، هكذا افتتحت زينة حمارنة حديثها لـ ملح الأرض وهي شابة أردنية بعمر 36 عاما، قاداها حلمها وشغفها أن تؤسس شركة مختصة في التسويق والإعلام، لتصبح من أبرز العاملين في هذا القطاع في الأردن.
قررت زينة دخول تخصص التسويق في الجامعة الأردنية في عام 2004، بعد أن رأت أن هذا التخصص يشبهها، ويشبه شخصيتها المحبة للإبداع، لتتخرج عام 2009، أي بعد 4 أعوام ونصف من بداية دخلوها الجامعة، ورغم أنها لم تحقق حلم أهلها لأن تكون الأولى على دفعتها، إلا أنها عملت وكافحت لأن تصبح من أوائل النساء في الأردن اللاتي يعملن في مجال التسويق والسوشيال ميديا.
بدأت حياتها العملية من عمر 16 عاما، واستمرت في العمل حتى أثناء سنواتها الدراسية في المدرسة والجامعة، ولقبت بـ “زهراب” لشغفها في التصوير، كونها الوحيدة التي وثقت أعياد العائلة واحتفالات المدرسة بكاميرتها الصغيرة، وتنقلت بين أعمال مختفلة ما بين منظم حملات، ومرشدة في الجامعة، وغيرها الكثير.
توضح زينة حمارنة لـ ملح الأرض أن كل هذه الأعمال كانت تقوم بها لأجل التعلم بالدرجة الأولى، وليس كسب المال، تقول “مرات كنت أشتغل ثلاث أيام ورا بعض، لحتى أحصل على 20 دينار، رغم إنه مبلغ قليل على العمل، لكن بالشهر كنت أحصل 100 دينار، وهذا بالنسبة لمصروف طالبة جامعة إشي كثير”.

بعد تخرج زينة بيوم واحد فقط، استطاعت أن تحصل على عمل بدوام جزئي في أمانة عمان، وهذا ما كانت تسعى إليه دائما، أن تعمل في قطاع حكومي، لافة إلى أنها كانت تسعى للحصول على عمل بوظيفة حكومية بسبب الخبرات الي تريد أن تتعلمها من الوظيفة، منها مسميات المسؤولين في الدولة،كيفية كتابة الكتب الرسمية وغيرها.
لم يكن طريق العمل يسيرا أمام زينة، فخلال مسيرتها العملية تعرضت لإحباطات كثيرة فبعمر 22 عاما، كانت تحمل ست سنوات خبرة عملية، إلا أن أرباب العمل انتقصوا من خبرتها لصغر عمرها، ولم تجد فرص عمل تناسب خبراتها، بالإضافة لكونها لم تستطع الحصول على فرصة عمل بدوام كامل، فرغم خيبة أملها لم تستسلم، تقول زينة “من الناس الي كثير دعموني، كل حدا أحبطني، كان يصير عندي تحدي إنه لا أنا رح أنجح”.
ضغوطات العمل، والدوام لساعات تمتد ما بين 16-18 ساعة يوميا، وسوء التقدير، دفعها بالعودة للوراء والتفكير مليا بمستقبلها، وما هي الفائدة المرجوة بالمستقبل، فكانت تشكو لأصدقائها الظروف الصعبة التي تمر بها، ليقترح عليها لاحقا فكرة إنشاء شركة خاصة بها.
تقول زينة لـ ملح الأرض ” كنت بشكي لواحد من أصدقائي عن الشغل، وإنه مش ملاقية شغل، وما حدا مقدر جهودي، فاقترح إنه نفتح شركة سوا، وقتها كان معنا بس 700 دينار إحنا الإثنين، فرغم إنه وقتها كنت مستصعبة الفكرة، وإنه ما معنا مصاري، إلا إنه اليوم بكون عمرها 12 سنة، وهيني اليوم بحكي عنها”.

دعم أهل زينة ومديرها، ووقوفهم بجانبها، ساهم في أن تنجح، وترجع زينة الفضل أيضا لمديرها الأول الذي آمن بها، ووثق بها، لتكبر وتستمر في العمل قدما، ففي بداية تأسيس الشركة لم تكن أدوات التسويق متاحة وسهلة مثل اليوم، مشيرة أن بداياتها انطلقت من جمع الأهل والأصحاب والجيران، لحضور حدث معين، مثل الاحتفالات وغيرها، “كنت أستخدم أدوات كثير قديمة قبل السوشيال ميديا، مثل برنامج “Hi Five”، فمع التطور اضطريت أتعلم التسويق، بطرق جديدة لانه ما كانت موجودة من قبل”.
وفي حديثنا عن التسويق عبر السوشيال ميديا، تلفت زينة الى أنها كانت أداة موجودة بس ما كانت تسويقية، تقول لـ ملح الأرض ” كنت أعمل جروبات وأبيع عليهم، أبيع عن طريق البوستات، وأعلن عن عروض وإيفنتات”، رغم أن السوشيال ميديا ليست كل عملها، إلا أنها بالنسبة لزينة واحدة من الأدوات التي سهلت التسويق كثيرا، بالإضافة أنها اليوم أصبحت من القنوات التي ساهمت بالوصول للمستهلك ومعرفة ردة فعله.
حلم زينة لم ينته، وساعات عملها لم تقل، أما ساعات نومها لم تزد، بل زادت المسؤولية والإصرار على الوصول لما تريد، فأصبح لزينة عملاء من معظم دول العالم، ابتداء من أوروبا إلى دول الخيلج، وفي نهاية حديثها إرتأت أن تقدم نصيحة للشباب خصوصا من هم على مقاعد الدراسة، أن يستثمروا بوقتهم جيدا، وحياتهم الجامعية لا بد وأن تنظر إلى العملية بعيدا عن إطار كتبهم الدراسية “استثمروا فترة الجامعة، وكبروا أهدافكم، بنفس الوقت خلوا أهدافكم واقعية لتظل رجليكم على الأرض”.
