الباحثة الإجتماعية والكاتبة فضيه المقابله- ملح الأرض
يعد روكس بن زائد العزيزي واحداً من أهم من اعتنوا بالتاريخ العربي الحديث وتشكلاته، خاصة في الأردن، كما تعد حياته الأدبية والثقافية، مثالاً مهماً على رؤية المفكرين العرب للتراث ولسبل النهضة العربية في بدايات القرن العشرين.
العزيزي، الرجل المتعدد المواهب والاهتمامات؛ بالتراث، واللغة العربية، والوحدة العربية، تمكن خلال أعوام عمره التي فاقت المئة، من ترك تجربة تراثية وفكرية مميزة، ماتزال تعد مرجعاً مهماً للباحثين في هذه المجالات
العزيزي من مواليد ١٩٠٣ في مادبا من قبيلة العزيزات المسيحية
تلقى تعليمه في مدرسة اللاتين في مادبا .ولكنه انقطع عن الدراسة بعد نشوب الحرب العالمية الأولى عام ١٩١٤
مما دفع والداه على تعليمه واحضرا له معلما ، أحدهما للغة الانجليزية والآخر للفرنسية ، مما جعله متقنا للغة الفرنسية والإنجليزية إلى جانب العربية التي تبحر وتعمق بها ودرس جميع اللهجات المحلية وخاصة لهجة الباديه
معلماه اللذان علماه اللغتين؛ الإنجليزية والفرنسية استفاد منهم ، ليعود الطفل بعد أعوامٍ قليلة، ويصبح مدرساً في المدرسة ذاتها، وينتقل فيما بعد، ويُدرس في مدارس “تراسنطة القدس”، متسلحاً بما قرأه وحفظه عن ظهر قلب في مكتبة والده؛ حيث قرأ القرآن الكريم، والكتاب المقدس، وكليلة ودمنة، وكتباً أخرى
بعد انتهاء الحرب العالمية عاد روكس العزيزي للدراسة وذهب الى القدس ليتعلم ، ويعلم في مدرستها هناك، تزوج من هيلانة العزيزات أثناء وجوده في القدس وبعدها عملل معلما في سلك التعليم ودرس في مدارس مادبا والقدس ، وكان اول مراسل اعلامي أردني لمجلة “الأحوال ” اللبنانية في اربعينية القرن الماضي، وفي نفس الوقت كان يقوم في تأليف كتاب سماه باسم القدس التي قضى فيها جزءا من ايام شبابه ، وكتباٌ أُخرى.
.
ثم انطلق بعد العام 1928 ليبدأ رحلته في تدوين تاريخ الأردن وتراثه الشعبي واللغوي، متنقلاً بين القرى والمناطق البدوية على ظهر حصان. وانطلاقاً من مقولته المشهورة “إنّ التراث هو طفولة المجتمع وصوت الماضي، وهو عند التحقيق يصير صوت الحاضر المدوّي، وإن تسجيل التراث يقربنا من ذوبان الفروق الاجتماعية ويدعو إلى توحيد الشعب، ويضع بين أيدينا أموراً أهملها التاريخ والمعاجم”، بدأت حياة العزيزي الفكرية والأدبية تتضح معالمها، فبدأ كأول مراسل صحفي في تاريخ الأردن، وكانت البداية مع صحيفة “الأحوال” اللبنانية، مستمراً في الوقت ذاته بتصدير مؤلفاته الأولى في تحقيق التراث واللغة العربية، مثل “نخب الذخائر” و”علم النميات في اللغة”.
وثّق العزيزي تاريخ الأردن وقبائله وعاداتها وثقافاتها، ولم يهمل دور أي منها في تشكيل تاريخ الأردن الحديث، وربط الوحدة الوطنية بالثقافة الشعبية لأنها تحمل في طياتها أقوى رابطا من سلك التعليم لوزارة المعارف وكتب في عدة مجلات وباللغات التي يتقنها. وكتب الكثير من المقالات في عدة صحف عربية ، ومنها اجنبيه ، وكتب الكثير من الرسائل والف الكثير من الكتب القيمة وخاصة” معلمة التراث الأردني ” التي تتألف من خمسة أجزاء كتب فيها بشمولية واسعة عن الثقافات والاعراف الاجتماعية والعادات والتقاليد والقيم في المجتمع الأردني بكل اطيافه ومكوناته رغم بعض الاختلاف في المنابت والأصول.

العزيزي كتب بحيادية تامة ونزاهة ،ملتزما بامانة النقل واحترام الثقافات والأديان المختلفة
ومن أشهر مؤلفاته كتاب “أسد الإسلام وقديسه “عن حياة وشخصية الإمام علي بن أبي طالب ودوره في الإسلام ، علما بأنه درس القرآن والإنجيل منذ نعومة اظفاره وتعلم من والده الكثير من اسرارهما !
روكس بن زائد العزيزي احب اعراف البادية وعمل العديد من المؤلفات والأبحاث عن اهل البادية وتقاليدهم.
تقلد عدة مناصب وتنقل في مناطق الاردن المختلفة ، وسافر الى عدة دول مما كان سببا في إتساع ثقافته ومعرفته ، ومن اجل البحث واثراء قدراته وتوجهاته.
نقد قاموس “المنجد” للغة العربيه وهذا زاد في شهرته الأدبية في العالم العربي
له مايقارب السبعون من المؤلفات والاعمال الأدبية.
كُتبت عن شخصيته وانجازاته العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه ، تقديرا لجهوده والاثر الكبير الذي تركه في عالم الأدب.
العزيزي كان انسانياٌ منحازا للمراة والطفل والمهمشين والفقراء ، وذلك مما اكتسبه من علمه ودراسته للاديان واهتمامه بالادب المقارن في تقدير جميع الفروق الانسانية
تقلد العديد من الأوسمة والجوائز الرفيعة وخاصة جائزة الحسين لليوبيل الفضي.
امضي حياته في البحث والكتابة والتاليف ، وحتى في سنين مرضه وعجزه بقي مرجعا وسخيا في الإفادة وتقديم المعلومة ضمن اختصاصه ومماحباه الله به من علم غزير اي يعتبر موجها وناصحا في مجالات الأدب المتنوعة
توفي العلامة روكس بن زائد العزيزي بتاريخ ٢٠٠٤/١٢/٢١ تاركا خلفه مخزونا ومنجما ادبيا وتراثيا ضخما يعد ثروة أدبية، ومنهل معرفة للأجيال القادمه .